شخصيات وسير ذاتية

د. أحمد خالد توفيق أشهر أقواله

اقوال مؤثرة للكاتب والأديب المعروف بلقب العراب أحمد خالد توفيق

أحمد خالد توفيق ، هو طبيب مصري ومؤلف وكاتب  ومترجم، وُلد في طنطا بمحافظة الغربية عام ١٩٦٢، وتخرج من كلية الطب جامعة طنطا ثم حصل علي الدكتوراه في طب المناطق الحارة ، وتوفي عام ٢٠١٨ إثر أزمة صحية مفاجئة .

بدأ أحمد خالد توفيق المُلقب ب(العرّاف)مشواره الأدبي مع المؤسسة العربية الحديثة حيث أصدر مجموعة من روايات الرعب تحت مسمي(سلسلة ما وراء الطبيعة) وهذا الأدب لم يكن سائدا في ذلك الوقت ، فهو يُعتبر رائد أدب الرعب في الوطن العربي ، وحقق هذا الأدب نجاحا وانتشارا كبيرا بين أوساط الشباب .

وأصدر أحمد خالد توفيق بعد ذلك (سلسلة فانتازيا) و(سلسلة سفاري) ثم سلسلة (دبليو دبليو دبليو).

وكتب العديد من الروايات الشهيرة التي حققت نجاحا واسعا مثل (يوتوبيا)عام ٢٠٠٨ التي حققت نجاحا كبيرا وتُرجمت للعديد من اللغات وأُعيد نشرها عدة مرات وكذلك ألّف رواية السنجة عام ٢٠١٢ ورواية ممر الفئران عام ٢٠١٦ .

وعمل العراف أحمد خالد توفيق كذلك صحفيا في مجلة الشباب التي تصدر عن مؤسسة الأهرام وكذلك في جريدة التحرير .

وله في مجال الترجمة باعا طويلا حيث ترجم العديد من روايات الرعب مثل: نادي القتال ورواية ديرمافوريا ورواية عداء الطائرة الورقية .

إقرأ أيضا:من هي ساجدة زوجة صدام حسين

وفي هذا المقال سنحاول أن نغوص في كتب وروايات العراف أحمد خالد توفيق لنرصد أجمل العبارات والفقرات التي وردت فيها وكذلك أشهر أقواله وكتاباته الشهيرة ، فهيا بنا لنغوص سوياً.

يقول أحمد خالد توفيق:

-“دعني أُخبرك بشئ مهم ، لا تقض حياتك بانتظار أن تنتهي الفترة كذا والفترة كذا.. أن تنتهي فترة الدراسة.. أن تنتهي فترة التجنيد.. أن تناهي فترة الإنتداب.. إلخ. 

لسوف تجد أن حياتك صارت مجموعة من الفترات يجب أن تنتهي.. وهوب!  تكتشف أنك بلغت نهاية العمر دون أن تنعم بحياتك يوماً واحداً. 

يجب أن تستمتع بكل فترة كأنها هي الصورة الوحيدة النهائية لحياتك. ”

يقول العراب:

-“لكني فعلا_ وهذا ما يثير ذعري _ فقدت القدرة علي الإستمتاع بالحياة.. أجمل لحظة في اليوم بالنسبة لي هي نهايته.. يبدو أنه كان لدي جهاز استقبال لمتع الحياة ، وهذا الجهاز قد فسد أو انتزع مني! ”

يقول أحمد خالد توفيق:

-“يعيش الإنسان وهو كاتم بقلبه ثلاثة أرباع خيباته وحزنه وبؤسه ويأسه ومأساته ، وينفجر إذا وقعت قعوته من يده. ”

يقول العراب عن نفسه:

“أنا مُرهق، ظللتُ أتكلّم قُرابة الربع قرن بلا توقف.. حكيتُ أشياءً كثيرة وهناك أشياءً أكثر لم أحكها بعد.

إقرأ أيضا:سيرة ذاتية للرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور 1953-1961م

لقد تعبتُ وأشعر أن كتفيَّ يزنان عدَّة أطنان، لكنهم يطالبونني بالمزيد.. أولئك الذين ارتبطوا بي وارتبطت بهم وأشعر بنوعٍ من المسؤولية تجاههم.

أنا أحمد خالد توفيق، أستاذ طب المناطق الحارة بجامعة طنطا وكاتب أدب الرعب الذي يتعشَّم أن يكون على مدار تلك السنوات قد أسهم -ولو بحرف في تشكيل وعي وثقافة هذه الجيل.. جيل الشباب. لأجلهم سأحكي .”

يقول أحمد خالد توفيق:

“وهذه مشكلة حقيقية لأننا نترك أشياءً جميلة فعلا في حاضرنا تفلت ، ونبكي بلا توقف على ماضي لن يعود .. ثم نفطن إلى أن حاضرنا صار ماضيًا فنعود للصراخ والبكاء .. 

إن هواية البكاء على الأطلال ليست مقصورة على أجدادنا فقط .. كلنا نبكي على الأطلال ، لكننا لا ننعم لحظة واحدة بما نعيش فيه من بيوت .. لا بد أن تتهدم أولًا لندرك أنها رائعة !”

يقول العراب:

“فجأة وجدت أنني في الأربعين .. الخامسة والأربعين .. ثم الخمسين! هذه أرقام لم أسمع عنها قط ولم أتخيل أنها ممكنة .

بدأت أشعر بالذعر عندما لاحظت الباعة يقولون لي ” يا حاج ” والمراهقون يقولون ” يا عمو ” ثم ازداد الأمر سوءا عندما صار الأولاد المهذبون يقفون في الموصلات كي أجلس مكانهم..”

إقرأ أيضا:سيرة ذاتية للرئيس الأمريكي باراك أوباما 2009-2017 م

يقول أحمد خالد توفيق:

“كل شيء مع هؤلاء القوم يستغرق وقتاً أطول من اللازم، يأكلون في ساعات ويصحون في دهور، يدخلون الحمام في قرون ويستيقظون في سنين، أردت دوماً أن أجري تجربة مثيرة تشبه ما قام به جاليليو فوق برج بيزا، سألقي بواحد من هؤلاء من الطابق الثالث، أنا متأكد أنه سيستغرق نصف ساعة في السقوط لأن أجسادهم تختلف فيزيائياً عن أجسادنا.

المتأخرون كائنات فريدة من نوعها، لكنني أحسدهم بشدة على هدوء أعصابهم، ولا أعتقد أن أحدهم يمكن أن يعاني يوماً من مرض القلب أو ارتفاع ضغط الدم.

المشكلة الوحيدة هي أنهم بالتأكيد يموتون ببطء ولا يعرفون الميتات السريعة !”

يقول العراب:

“خدعوك فقالوا أن الضربات التي لا تقتلك تجعلك أقوى…

 دعوني أحدثكم عن الناجين من الضربات القاتلة:

الناجون من الضربات القاتلة يمكنهم أن يحدثوك عن هذا الخوف الذي يلازمهم بقية حياتهم، الخوف من اﻷيام، الخوف من ضربة جديدة، يمكنهم أن يحدثوك عن كيف فقدوا الشعور باﻷمان والثقة في اﻵخرين، وربما الثقة في أنفسهم.

الناجون من الضربات القاتلة يصابون بنوع من تبلد المشاعر، يصبحون لا مبالين، لا شيء يحزنهم، لا شيء يسعدهم، أصبحوا يعرفون جيدا حقيقة أن لا شيء يدوم.

الناجون من الضربات القاتلة يعيشون وحيدين، مهما كان الزحام حولهم هم يعلمون جيدا أن الجميع سيهرب من حولهم حال تلقيهم ضربة جديدة.

الضربات القاتلة يا صديقي تعلم اﻷنانية والقسوة.

الضربات القاتلة تجعلك قويا، لا يعرف أحد شيئا عن اﻷنقاض التي تحملها بداخلك..”

يقول أحمد خالد توفيق:

“فى الأساطير الإغريقية هناك شخصية اسمها (كاساندرا)، تكلمت عنها من قبل. كانت كاساندرا هى ابنة بريام حاكم طرواده التى عشقها أبوللو .. لما رفضت حبه، لعنها بلعنة غريبة، هى أنها تتنبأ طيلة الوقت لكن لا أحد يصغى لكلامها، ولا هى قادرة على تغيير المستقبل. إنها تكرر نفس فكرة بيت الشاعر الجاهلى دريد بن الصمة:

«أمرتهم أمرى بمنعرج اللوى ..فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد».

أو وصية هـ. ج . ويلز الذى أوصى ان يكتبوا على شاهد قبره عبارة واحدة: «لقد أنذرتكم يا أغبياء !»

تنبأت كاسندرا بالكثير، لكن لم يصغ لها أحد.. لدرجة أنها أنذرت قومها بان الإغريق يختبئون فى حصان طرواده الخشبى وسوف يذبحونهم عندما يأتى الليل، لكن لم يجد كلامها نفعًا … هذا عذاب شنيع يفوق أى عذاب يمكن تخيله. ان ينفجر رأسك محذرًا مما تراه حتميًا بلا جدوى. كانت لدينا (كاسندرات) كثيرات تنبأن بما سيحدث لكن أحدًا لم يصغ لهن وسط اندفاع قطار الجنون، وما زال القطار مندفعًا.”

يقول العراب:

“‏لا تسألني عن حالي فأنا دائماً بخير، مهما أختلف الشعور ومهما كانت الظروف، ستجد ذات الأجابه نفسها، أعرف كيف أتجاوز كل شي وحدي، دون الحاجة إلى كتف لأتكي عليه أو لشخص أنثر عليه ما بداخلي الحاجة إلى الناس ضعف وأنا أكره أن أكون ضعيف في نظر أحد حتى لثوانٍ.”

يقول أحمد خالد توفيق:

نم!!

كل شيء يطلبه الأطباء عسير ومرهق، وأنا أقول هذا لأنني طبيب، لم أجرب قط صعوبة الأمور التي أطلبها من المرضى ببساطة وسلاسة. مثلاً كم من مرة طلبت من مريض أن يقلع عن التدخين، أو يكف عن القلق، أو يجري تحليلاً مخبرياً معيناً، أو يقوم بتركيب قسطرة بولية. عندما أصير أنا المريض أكتشف أن هذه الطلبات

عسيرة وشبه مستحيلة. أرغمت مؤخراً على قضاء فترة في العناية الفائقة بأحد المستشفيات، وكان طلب

الأطباء واضحاً:

ـ «استرخ! نم»

هكذا رقدت في الفراش مفتوح العينين أحاول النوم، لكن هذا مستحيل. كان هناك شخص يئن في مكان ما عاجزاً عن التنفس، وكلما أصغيت له شعرت أنا نفسي بأنني أختنق. أخيراً داعب النوم جفني، وبدأ ذلك الخدر اللذيذ يسري في كياني. لم أعد هنا، صرت هناك. فجأة شعرت بيد عنيفة تهزني مراراً، هل هي يد الموت؟ هل الموت يهز ضحاياه لحظة النهاية؟ فتحت عيني لأجد ممرضة قوية البنية تهزني بقوة: 

ـ «لقد وصف لك الطبيب قرصاً منوماً

هكذا ابتلعت القرص وأغمضت عيني من جديد.

هنا شعرت بمصاص دماء يغرس أنيابه في ذراعي ويمتص دمي بنهم، فتحت عيني مذعوراً، لأجد ممرضة عصبية تغرس محقناً في ذراعي وتقول:

ـ «طلب منا الطبيب هذه العينة»

ولماذا يجب أن تؤخذ وأنا نائم؟ لا أعرف عينة تؤخذ والمريض نائم سوى عينة تشخيص مرض الفيل. على كل حال بدأ القرص المنوم يعمل وثقل جفناي فعلاً، هنا شعرت بمن يهزني بقوة:

ـ«جرعة دواء الفجر. خذها ونم»

ابتلعت الدواء شاكراً وعدت للنوم، عندما سمعت من يصرخ منادياً باسمي بقوة، فتحت عيني بصعوبة لأجد ممرضة تدس كبسولة بين شفتي:

ـ «هذا هو الدواء المنوم، سوف تحظى بنوم هادئ»

قلت لها وأنا ابتلع القرص:

ـ «لكني كنت أحظى بنوم هادئ فعلاً»

قالت بلهجة عملية شأن من لا وقت لديه لهذا السخف:

ـ «هذه هي تعليماتي. إذا لم ترد أخذ هذا القرص فالرجاء أن تخبر الطبيب بذلك».

بدأت أغمض عيني ثانية، وهنا رأيت من وراء الستار أن الشمس قد أشرقت، وأن العالم كله قد استيقظ، وبدأت أسمع أصوات الجلبة بالخارج، أغمضت عيني لأسمع من يهتف:

ـ «يا لك من كسول!، كل هذا النوم ولم تشبع بعد!».

كان هناك حشد من أصدقائي جاءوا ليحيوني. رحت أشكرهم وأتبادل الحديث معهم، ومن حين لآخر يسقط رأسي وأبدأ في الغطيط، في النهاية عرفت أنهم انسحبوا دامعين واحداً تلو الآخر، وقال بعضهم لبعضهم في الخارج:

ـ«إنه مريض ومنهك جداً، لا يستطيع استكمال جملة واحدة، واضح أن هذه هي المرة الأخيرة»

وسمع من لم يسمعوا هذا الخبر فجاءوا لوداعي، وهكذا رحت أغمض عيني لربع ثانية، فقط كي أفتحهما لدى قدوم زوار جدد. وعند العصر قلت الحركة نوعاً فأغمضت عيني، هنا شعرت بمن يهزني بقوة:

ـ «موعد الدواء المنوم!»

عندما جاء المساء أغمضت عيني، وهنا سمعت من يضحك:

ـ «إذن أنت نائم والكل قلق عليك».

كان هذا هو الطبيب المعالج، وقد جاء ليطمئن علي. وبعد رحيله دست الممرضة بعض الأقراص في فمي، وجاءت أخرى تغرس المحقن في ذراعي، ثم جاء عامل النظافة ليمسح المكان.

عند الفجر جمعت حاجياتي وارتديت ثيابي، وطلبت من يأتي ليقلني إلى البيت، سألتني الممرضة في جزع عن وجهتي، فقلت لها: البيت، البيت. قالت محتجة إن حالتك خطيرة، فقلت لها إن ما أفعله هو السبيل الوحيد لأنقذ حياتي، بقائي هنا هو نهايتي. نعم، أعترف أن مهنة الطبيب صعبة، لكن أصعب منها بمراحل مهنة المريض، إنها تضعك تحت طائلة الموت بالمعنى الحرفي للكلمة.”

ومن قصص أحمد خالد توفيق ( العراب ) القصيرة الماتعة هذه القصة:

”أم صالح تجلس هناك على ناصية الشارع بالساعات، يلهو ابنها الصغير ذو الأربعة الأعوام من حولها، بينما تتسول هي من المارة طيلة الوقت . فقيرة جدًا بالطبع ، ولا أعتقد أنها من أولئك المتسولين الذين يتبين أنهم يملكون قصرًا في الجولف وطائرة خاصة وأسهمًا في شركة مايكروسوفت . أضع في يدها بعض المال فتدعو لي .

ما يضايقني هو أنها تجر ابنها من يده وتهتف به **قول للدكتور شكرًا يا دكتور **

فيشكرني الطفل بلهجته الطفولية المضحكة ، وهو يجتهد ويظهر حماسته كعادة الأطفال في إرضاء الكبار . لكن هذا لا يكفي فتصيح به : **قول للدكتور ربنا يخليك ويخلي ولادك يا دكتور**

**لبنّا يهلّيك ويهلّي ولادك يا دكتور**

تكرر له الكلام بحماس أكثر، فيكرره بحماس أكثر وأكثر.

أبتعد مسرعًا وقد جرح المشهد شيئًا في روحي . هذا الطفل جاء الدنيا ليتعلم في المدرسة ويرسم أرانب صغيرة وقططًا بالألوان ، أما أن تكون مهنته هنا على الإفريز يدعو لأمثالي فشيء لا أطيقه . كان الأمر أسوأ عندما كان ابني طفلاً نظيفًا أنيقًا فكنت أنال حشدًا من الدعوات من أجل (البيه الصغير) … إن هذه المرأة تبذر دون قصد في ابنها بذور النفاق مع ضعة النفس التي يُولّدها الفقر للأسف في أغلب النفوس . لو كان الفقر رجلاً لقتلته ولو كان النفاق رجلاً لأحرقته … لكني أعتقد أنهما صنوان بشكل أو بآخر. الفقر المدقع  يجعلك لصًا أو منافقًا .

تذكرت هذا المشهد القاسي وأنا أرى معلم مدرسة الصلعا الابتدائية الذي يقف في طابور الصباح ، فتأخذه جلالة النفاق ويهتف بحماسة لمدير الإدارة التعليمية في سوهاج ، ووكيل وزارة التربية والتعليم والمحافظ ، بدلاً من أن يهتف لجمهورية مصر العربية وعلمها . بالطبع كان يرغم التلاميذ على الترديد وراءه بحماسة ، حتى خيل لي للحظة أنهم سيهتفون : ربنا يخليك يا دكتور .

السبب طبعًا أن السيد مدير الإدارة التعليمية كان في الطابور ، وكانت هذه مناسبة لتوصيل المرافق للمدرسة . من سوء حظ المعلم أن الفيديو أثار غضب مواقع التواصل ونُشر على الفضائيات ، فقام محافظ سوهاج بإحالته للتحقيق .

منذ أشهر قالت تلميذة في المرحلة الإعدادية لمحافظ بورسعيد :

«لو ينفع أسجد لبشر كنت سجدت للمحافظ عادل الغضبان محافظ بورسعيد» .

وقد كافأها المحافظ بزكيبة دنانير … أعني أنه نقلها لمدرسة المتفوقين .

كان العاملون في التربية والتعليم يثيرون دهشتي دومًا بقدرتهم المذهلة على النفاق ، وعبادة الرؤساء . كنت أرى وكيل المدرسة يخطب في الميكروفون وعينه اليسرى تدور وحدها لترى تأثير هذا الكلام على الناظر. إنه يخاطب شخصًا واحدًا ولا يريد سوى رضاه ، وبالطبع يُقدِّس الناظر وكيل الوزارة ورئيس الإدارة والمحافظ والسيد الوزير . مع الوقت تنتقل هذه العدوى إلى جيل كامل من التلاميذ يصيرون بالضبط كما تريدهم الدولة .

منذ فترة رأينا حفل نفاق كبير أقامه المسئولون التربيون في محافظة الجيزة ، عندما أحرقوا بعض الكتب التي وجدوها في مكتبة المدرسة ، وفعلوا ذلك في حفل أمام التلاميذ وهم يلوحون بالأعلام في حماسة وطنية كأنهم يحررون القدس .

الكتب لم تكن متطرفة ، لكن اللجنة رأت ذلك ، ورأت أنها فرصة ممتازة لنفاق الحكومة والتيار الاستبعادي المخيم على الدولة … كتب لجمال الدين الأفغاني – حسبوه أفغانيًا من تنظيم القاعدة – وعلي عبد الرازق وكرستوفر هارولد وسمير رجب !! … واضح أنهم لم يفتحوا كتابًا واحدًا .

قلت وقتها في مقال لي :

يعرف أي طفل أنه لو أظهرت الحكومة أدنى رضا عن هذه المؤلفات لأقام هؤلاء السادة حفل تكريم لها ، ولوضعوها فوق رءوسهم أمام الكاميرات ، ولنظموا مسابقات لحفظ فصول كاملة منها ، والفائز يحصل على مجموعة مؤلفات أبي الأعلى المودودي كاملة . من الجدير بالتفكير أن أغلب عمليات النفاق غير العقلاني هذه تأتي من وزارة التربية والتعليم بالذات ، ويبدو أن التفكير بطريقة (كلمة السيد ناظر المدرسة) و(من أجل العلياء والسؤدد) و(السيد وكيل الوزارة نبراس العلم) لن تفارق هؤلاء القوم أبدًا .

كانت هناك قبل أعوام حادثة مُستفزِة تتعلق بقيام إحدى دور الأيتام بإيقاف فتيات صغيرات لم يتجاوزن التاسعة. أوقفهن بثياب خفيفة شفافة شبه عارية في صقيع ليل الشتاء للهتاف لمصر والسيد الرئيس والسيد رئيس الوزراء والسيد مدير الأمن والسيد مدير الإدارة. سأل مذيع في قناة فضائية مدير الدار عن هذا التصرف المعيب فصرخ : «أنا روحي فداء لمصر» .

كان الرد المنطقي هو : روحك فداء مصر … فلتفعل بها ما تشاء ، لكن لم تتبرع الفتيات بأرواحهن ورئاتهن من أجل مصر وهذا حقهن .

هذه الوزارة لا تكف عن تعليم النفاق للتلاميذ ، وهذا هو الشطر الأول من قصة أم صالح التي تجلس على قارعة الطريق .

الشطر الثاني يتعلق بوضع المدرس نفسه الذي لا ينال التقدير المادي ولا المعنوي ، ويضعونه بالضبط في حالة العوز التي تدفعه للنفاق المخجل أو اعتصار الطلبة في دروس خصوصية . قرأت تصريحًا لوزير التربية والتعليم طارق شوقي – أرجو أن يكون مكذوبًا – يصف المدرسين بأن معظمهم لصوص ، ولا تهمهم سوى الرواتب برغم انعدام كفاءتهم .

هكذا يكون الراعي عدو الغنم … وزير المعلمين يرى أن معظمهم لصوص، والمناخ العام يرحب جدًا بالمنافق والمداهن . هذه الكلمات تُقال عن أسمى مهنة في الوجود . ردح طويل قد مر على معلم شوقي بك الذي كاد يكون رسولاً .

لن تتحرك مصر إلا بالتعليم . والتعليم يقتضي خلق المدرس واسع العلم المستقر ماديًا ذا الكبرياء . المدرس الذي لا يتصرف مثل أم صالح ويهتف – ويرغم طلبته على الهتاف – من أجل السيد وكيل الوزارة لمجرد أن المرافق دخلت المدرسة ، ويعلم تلاميذه النفاق من أول يوم . المدرس الذي لا يفخر بحرق الكتب الثقافية ، ولا يقول رئيسه إنه لص . إن الأوطان تضيع فعلاً بسبب انهيار التعليم وليس العكس .”

أرجو أن تكونوا قد استمتعتم كما استمتعت أنا بأقوال العراب الخالدة، شاركونا آرائكم.

السابق
لونك المفضل يكشف أسرارك
التالي
وصفات اعشاب طبيعية لتخسيس دهون البطن -الكرش

اترك تعليقاً